لا تتوقف الانخفاضات المستمرة في أسعار النفط عن اطلاق التحذيرات بشأن تأثيراتها المدمرة والمباشرة على الساسة والاقتصاديين دوليا واقليميا. وخلال أشهر شهد الخطاب الاعلامي لعدد من المسؤولين العمانيين تغيرا واضحا لا سيما ما يرتبط بخطة الحكومة لمواجهة العجز في موازنة العام المقبل 2015م؛ ففي الوقت الذي أوضح فيه درويش بن اسماعيل البلوشي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية إلى أن انخفاض أسعار النفط سيشكل تحديا كبيرا، يتطلب مواجهة العجز المالي ويضمن اتجاه الحكومة لتقليل الانفاق؛ مما سيؤثر على حياة المواطن عبر تخفيض نسب التوظيف الذي كانت الحكومة شرعت بالمباشرة به منذ أحداث الحراك العماني في 2011م، وإلى تقليل حصة الترقيات والمكافآت الوظيفية للعاملين في قطاعات الدولة، عادت الحكومة في خطاب مختلف إلى التأكيد على التزامها برؤية وثوابت أساسية تقتضي عدم المساس بحياة المواطن، وذلك في تصريح لفهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء لوكالة الأنباء العمانية منذ أيام، حيث أشار إلى أن: “المتغيرات حالياً على الساحة النفطية قد روعي فيها عدم التأثير على الجوانب الحياتية للمواطنين، وما يقدم لهم من خدمات أساسية، كما أنها لن تؤثر على سياسات التعمين والتوظيف وبرامج التدريب والتأهيل في القطاعين العام والخاص، وما يتعلق بمستحقات الموظفين والعاملين في الدولة، باعتبارها ثوابت أساسية تعكس حرص سلطان البلاد على توفير أفضل سبل العيش الكريم لأبناء هذا البلد”.
والسؤال المطروح: إلى أي حد ستستمر الحكومة في مواجهة التقلبات المؤثرة والمباشرة في سوق النفط العالمي، وإلى أي قدر سيمكنها ذلك من التخلص من آثار هذه التقلبات المباشرة على المواطن واقتصاد واستثمارات البلاد؟
يبدو هذا السؤال مهما في ما يرتبط بقدرة الحكومة على تفعيل سياسات تنويع مصادر الدخل. فعلى الرغم من استمرار الخطاب الإعلامي في التأكيد على رغبة الحكومة الجادة وسعيها الدؤوب عبر منصاتها الوزارية والبرلمانية ( مجلس عمان) إلى البحث عن مخرج للأزمات عبر تنويع هذه المصادر؛ إلى أن هذا الخطاب لم يحمل تأثيرا كبيرا على رأي المواطنين ويترك رؤية واضحة حول نجاح أو جدوى خطط التنويع.
استطلاع مواطن: 76% يعتقدون أن الحكومة لا تملك رؤية واضحة للعمل على تنويع مصادر الدخل
وفي استطلاع أجرته مجلة مواطن حول تنويع مصادر الدخل في السلطنة، بلغ عدد المستطلع رأيهم 300 شخص، أوضح حوالي 76% من المستطلعة آرائهم إلى أنهم يعتقدون أن الحكومة لا تملك رؤية واضحة حول تنويع مصادر الدخل التي يمكن الاعتماد عليها البلاد، بينما أشار 53% من المستطلعة آرائهم إلى أنهم يملكون معرفة كافية حول مصادر الدخل المتجددة في البلاد. وحول استراتيجيات إدارة تنويع مصادر الدخل، أوضح 70% من المشاركين بالاستطلاع إلى أنهم لا يعلمون إذا ما كان عليهم الثقة بمدى نجاح الاستراتيجيات التي تتحدث عنها الحكومة في مجال تنويع مصادر الدخل أم لا، لكن 58% من المستطلعة آرائهم أشاروا إلى أن تنويع مصادر الدخل مسؤولية مؤسسات الدولة وعلى مختلف الجهات المساهمة في ذلك.
مواطنون: من الضرورة الاهتمام بالصناعة والتعليم كونهما مصدر متجدد للدخل
وحول القطاعات الأساسية التي يعتقد المشاركون بالاستطلاع أنه ينبغي الاعتماد عليها كبديل عن النفط، أشار 32% من المشاركين إلى أن الصناعة تأتي على قائمة الأولويات، بينما أوضح 23% إلى أن التعليم والبحث العلمي يشكلان أهمية كبيرة في حين أوضح 18% إلى أن السياحة تمثل مصدرا مهما للدخل أيضا. ورأى ما يزيد عن نصف المشاركين – حوالي 55%- أن انخفاض أسعار النفط سيدفع الحكومة إلى تفعيل سياسات تنويع مصادر الدخل، لكن 25% رأوا خلاف ذلك.
وعندما كان الحديث عن تنويع مصادر الدخل أمرا ملحا للكثيرين، كان الخطاب الاعلامي قد أشار إلى رغبة حكومية لرفع الدعم عن المحروقات بالبلاد، حيث يشكل دعم الحكومة.
وفي استطلاع آخر قامت به المجلة، رأى أكثر من 61% من المشاركين أن فكرة رفع الدعم عن المحروقات غير مجدية حاليا، بينما أكد 65% من المستطلع آرائهم أن رفع الدعم ينبغي أن يقتصر على الشركات فقط، وأوضح 72% من المشاركين أن رفع الدعم لا ينبغي أن يشمل كافة فئات المجتمع، ويمكن استثناء فئة الدخل المحدود والضمان الاجتماعي من ذلك.
قراءة ومتابعة: سمية اليعقوبية