على غرار الحديث عن جماعة الإخوان المسيحيين نذكر المفكر السياسي المصري الذى قضى أكثر من 11 عامًا يدرس نشأة وتطورات وفكر وخطوات جماعة الإخوان المسلمين من بداية العمل السري وتدبير الأمور وراء الستار إلى تولي الحكم بعد سقوط نظام حسني مبارك في يناير 2011، عمل على تأسيس جماعة مضادة لها تحت اسم الإخوان المسيحيين، هدفها كشف زيف جماعة الإخوان المسلمين التي أعلنت على لسان رؤوسها وأربابها أنهم جاءوا ليحكموا مصر لأكثر من 500 عام.
تناول في حواره لـ”مواطن” الحديث عن الهدف من تأسيس جماعة الإخوان المسيحيين وأهدافها وأبرز الأزمات السياسية التي لازمت تأسيس جماعته، وتقييمه للأداء الإعلامي العربي والمصري وتقييمه لطرح المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين كل هذا وأكثر في سطور الحوار التالي:
حوار: عبدالرحمن سعد
- يناير ويوليو ليستا ثورتين مصريتين بل حركتين وانقلابين عسكريين على السلطة
- السيسي لا يملك حق التصالح مع الإخوان.. وضرب الإسلام بالإسلام مخطط مستمر
- “الربيع العربي”.. أدوات غربية لسرقة بترول وخيرات الشرق الأوسط
- “حماس” صناعة إسرائيلية بتمويل قطري
- حريات التعبير والنشر بالبلاد العربية لا تسُر مع أمل في التغيير
- “الإسلام هو الحل” شعار طائفي رفعه الإخوان.. ولا يعبر عن جوهر الدين
- مصر لم تشهد زعيمًا مسيحيًا واحدًا منذ ١٩٧٣تاريخ تنصيب البابا شنودة الثالث
- الإعلام العربي بلا مهنية والمصري بحاجة لفلترة و”السوشيال ميديا” تتصدر المشهد
- السلفيون أكبر خطر يهدد مسيحيي الشرق.. و”داعش” لم تعد الخطر الداهم على مصر
- البابا شنودة الثالث احتكر العمل السياسي ووأَدَ المجتمع المدني القبطي
فإلى نص الحوار:
1- بداية.. كان لك تصريح فيما يخص الربيع العربي بأنه بدأ منذ 1952 كيف ذلك؟
بالفعل ثورات الربيع العربي بدأت مع حركة 23 يوليو ١٩٥٢ ولكن تحت مُسميات أخرى، ولم تبدأ بثورة (الياسمين) في تونس في ١٧ ديسمبر ٢٠١٠، لأنه منذ الإعلان عن اتفاقية سايكس/ بيكو في ٢٣ نوفمبر ١٩١٧ لتحديد مجالات ومناطق النفوذ والسيطرة بين فرنسا وإنجلترا في منطقة الشرق الأوسط بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، وبدأ تنفيذ هذا الاتفاق، وَوُضعت المُخططات للتقسيم والسيطرة، حتى جاءت البداية بالدور على دُرةّ التاج بالمنطقة مصر، فتمت الترتيبات الخفية والسرية بالتنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين، حتى تم (الانقلاب العسكري) على الحكم في يوم الأحد ٢٣ يوليو ١٩٥٢، بالقيادة الحقيقية البكباشي جمال عبد الناصر ولم تكن ثورة على الإطلاق فقد أفاق الشعب المصري صباح هذا اليوم على بيان من الجيش يعلن قيام (حركة) وليس (ثورة) الضباط الأحرار، ولم يشترك فيها ولا فرد واحد من أفراد الشعب، وإذا سمينا المُسميات بأسمائها فنجد أنها انقلاب عسكري بكل المقاييس والمعايير لمعنى الانقلاب.
2- وكيف رأيت تأثير أحداث يوليو 1952 على مسار الدولة المصرية سياسيًا واقتصاديًا؟
من وقتها بدأ العمل على تقسيم مصر بانفصال السودان، وتخريب اقتصاد الدولة المصرية بٍبِدعةّ غير دينية ولا أخلاقية بِمُسمى (التأميم) وبموجبه تم الاستيلاء على ملكيات المؤسسات من شركات ومصانع وبنوك وممتلكات خاصة بالأفراد من أراضي زراعية وعقارات وقصور وحسابات بالمصارف وأموال سائلة ومجوهرات وتحف وغيرها، وكانت أكبر سرقة في تاريخ مصر الحديث، حيث أن كل ذلك آل إلى ملكية مجهولة باسم الشعب الذي لا يملك قوت يومه، واستمر التخريب الاقتصادي لمصر بأداة تعرف (بالمجانية والدعم) لاكتساب رضاء الشعب عن الانقلاب العسكري وبإضعاف مصر ستنهار بقية الدول الأخرى بسهولة، وبقية الأحداث معروفة، فقد تقاطر على القاهرة وفود المخابرات البريطانية والأمريكية للإعداد لإسقاط النظم الملكية في بقية الدول المُستقرة والقوية، فسقط فيصل بانقلاب عسكري أيضًا على يد الزعيم الرُكنّ عبد الكريم قاسم، ثم سقوط حكم الإمام محمد البدر بن حميد الدين إمام اليمن بانقلاب عسكري على يد المشير عبد الله السلال وتلاحظ أن الملوك لابد من أن يُستبدلوا من ناس من عامة الشعب ليتولوا الحكم تحت مُسميات زائفة، لكن السبب الحقيقي والخفي هو استغلال جهلهم ليسهل التحكم فيهم واللعب بهم، وأستثني من الانقلابات المملكة الأردنية الهاشمية لاحتياج بريطانيا لحكم الأسرة الهاشمية وللصلة الوثيقة اللصيقة ببريطانيا، وكذلك المملكة المغربية لذات الصِّلة والاحتياج لها لكن مع المنظمات اليهودية العالمية حيث كان يوجد بالمغرب بعض الوزراء اليهود بالحكومة المغربية وتمت انقلابات عسكرية ذات وضع مختلف كأديب الشيشيكلي في سوريا، ولبنان بالتحكم في الانتخابات وفوز كميل شمعون بالحكم كل هذا تم بهدف تقسيم البلاد وتفتيت قوتها، تمهيدًا للسيطرة والاستيلاء على ثرواتها المُرتقبة، وهكذا كانت المرحلة الأولى والتمهيدية (لثورات الربيع العربي) التي هي في حقيقتها (ثورات القطيع العربي) والتي لم تمس هذه المرة النظم الملكية على الإطلاق لأسباب يطول شرحها.
دور جماعة الإخوان المسلمين في مصر
3- قلت إن جماعة الإخوان تتعاون مع مخابرات دول أجنبية على الإضرار بأمن مصر فهل هناك أدلة على ذلك؟
نعم كتبت عدة مقالاًت (أغلبها في أرشيفي بمحرك البحث “جوجل” وموقع الأقباط متحدون) في شأن وجود تفاهمات وترتيبات إخوانية / أمريكية على تنفيذ المُخطَطّ المعروف بــ”الربيع العربي الثاني”، وتبين ذلك وتأكد لي وللجميع من سابق إعدادهم مع أعداء مصر للأحداث الكارثية على مصر بِدءًا من ٢٥ يناير ٢٠١١، عكس ما يُشاع ويُحاول العملاء ترويجه وهو أن بعد نجاح ثورة الشباب بثلاثة أيام أي يوم ٢٨ يناير، نزل الإخوان بكثافة وســرقوا الثورة، أولًا: لأن ثورات الشعوب ليست محافظ نقدية لكي تُسرقّ، ثانيًا: لم تكن هناك ثورة بالمعنى المعروف بل تجمع شبابي لا يزيد عن ٣٠ ألف شاب تجمعوا لسابق لتخطيط دون أن يدروا نتيجة الصفحة الإليكترونية التي أنشأها شباب ٦ إبريل باسم شهيد البانجو خالد سعيد، ثالثًا: أن استعدادات الإخوان وضحت قوتها وسابق إعدادها من زمن وسادت المحافظات المصرية كلها.
ثالثًا: بدأ بقوة تنفيذ المُخطَطّ الأمريكي بضرب الشرطة وتدميرها وحرق مصر، رابعًا: بعد الساعات الأولى من ٢٥ يناير بدأ صُراخ ونَوْنَوة هيلاري كلينتون وباراك حسين أوباما آنذاك بضرورة تنحي رئيس جمهورية مصر محمد حسني مبارك بمراقبة ومتابعة هذه الكوارث والأحداث الغريبة، وكمحلل سياسي تكشف لي الأمر وثبتت (مؤامرة الأمريكان الإخوانية على مصر والمنطقة بأكملها).
4- وماذا عن أطروحات المُصالحــة بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين؟
الإجابة بالقطعّ لا، فلا مُصالحة بين (دولة) ذات كيان ومؤسسات وبرلمان وقوات مسلحة وشرطة وبين (جماعة) بِلا كُنية ولا هوية تنظيمية دولية وبِلا مؤسسات ولا برلمان ولا جيش ولا شرطة لتتساوى مع الدولة المصرية وتتصالح معها هذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون فلا يملك مصري واحد بِدءًا من رئيس الجمهورية وحتى أي مواطن حق المصالحة مع جماعة إرهابية هدفها القضاء على القوات المسلحة والشرطة المصرية بالقتل غدرًا وجٰبنًا وبكل خسة ودناءة وانعدام شجاعة المواجهة القتالية وأعتقد أن هذا الموضوع محسوم سياسيًا وشعبيًا، فما بين جماعة الإخوان المسلمين والشعب المصري بحور من الدم ومئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين، وخلف ذلك أطفال يتامى وزوجات أرامل وأُمهات ثَكْلى، وأيضًا لأن هذا الفصيل الإخواني يمارس نشاطاته الإرهابية حتى هذه الساعة من قتل وتفجير، وأيضًا أعضاؤه يعملون على نطاق واسع كجنود بالطابور الخامس كأداة لتنفيذ المخططات السابق ذكرها وأعتقد تمامًا أن محاولات المصالحة هذه راجعة إلى ما سبق أن ذكرته عن مخططات ودور المنظمات العالمية لتقسيم بلدان الشرق الأوسط.
5- إذا كان هذا رأيك في الإخوان فما علاقة ذلك بعداوتك للسلفيين.. ولماذا تراهم أعداء المواطنة في مصر؟
لا عداوة بيني وبين السلفيين كبشر وكمصريين، لكن سر العداوة يكمن في أنهم أقوى أعداء مصر، وأشرس أعداء لديني، وأنا لا أراهم أعداءً للمواطنة فقط، بل هم وعلى وجه اليقين أعداء للوطن ذاته باعترافهم هم وعلى لسان كبار وصغار شيوخهم، فلا اعتراف بالوطن ولا احترام ولا توقير لعلمه ونشيده الوطني، بالإضافة إلى تحالفاتهم مع أمريكا في التآمر على مصر باعتراف وشهادة عالم الاجتماع ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية الدكتور سعد الدين إبراهيم، بالإضافة إلى دراسة وتحليل المئات من خطبهم وكلماتهم المنشورة في كل مكان.
إنشاء جماعة الإخوان المسيحيون
6- أسست جماعة تسمى الإخوان المسيحيون هل لك أن تحدثنا عن أهم أهدافها ولماذا انشئت؟
كانت فكرة قيام وتأسيس جماعة الإخوان المسيحيين في مصر، فكرة شجاعة وجريئة وُلِدتّ في أَوْج سلطة وعنفوان سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على أمور الدولة المصرية وشؤون العِباد بها، وَوُلِدتّ الفكرة كنتيجة لدراساتي وأبحاثي العميقة لتاريخ جماعة الإخوان المسلمين والإلمام الكافي بأهدافها السياسية الخفية المتسترة بستار الدعوة الإسلامية وتأسيس وعودة الخلافة المُتَخَيلةٌ، كما اكتشفت اتصالاتهم بل تعاونهم القوي مع بعض مخابرات عدة دول بالخارج وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
7- ألا يسمى هذا مكايدة سياسية؟
نعم (فكرة) إنشاء جماعة الإخوان المسيحيين، جاءت كمواجهة ومُجابهة ومُكايدةّ لجماعة الإخوان المسلمين التي تتمتع بتمدد وجذور في عدد من الدول العربية والأوروبية والآسيوية، أولًا لكشف أغراضهم وأهدافهم الخَفيةّ عن طريق إيجاد كيان مُقَابِل لهم لا يستطيعون استنكاره وإلا استنكروا وجودهم هم يعرض أهدافه وتطلعاته فتتم المقارنة بين الكيانين.
فمثلًا شعار جماعة الإخوان المسلمين الذين ملأوا به الدنيا صراخًا وانتشارًا كان (الإسلام هو الحل) وهو شعار طائفي ومُبهَم وغامض فلم يحدد الحل لماذا وفي ماذا؟ بل يزيد عن ذلك أنه شعار يضر بالدِّين الإسلامي في حالة عدم وجود حلول لبعض الأزمات، لكن شعار جماعة الإخوان المسيحيين كان (حُب مصر هو الحل) وهو شعار بعيد كل البعد عن الطائفية بل يُعزِزّ من شعور المواطنة لدى المواطن المصري ومُحدد المعنى والهدف، فمن يحب مصر ويُخلص في حبها فسيحل كل مشاكلها وأزماتها وهذا ما نعيشه حاليًا.
8- ما أهم التطورات التي طرأت على فكرة ووجود الجماعة منذ إنشائها إلى الآن؟
لم ولن يحدث أي تطورات أو أفكار لمد نشاط الجماعة لا في الداخل ولا في الخارج فقد ماتت الجماعة بحل وحظْر جماعة الإخوان المسلمين، وكان الهدف الأساسي من إنشاء جماعة الإخوان المسيحيين قائمًا على فِكْرة (المِكايـدةّ) في جماعة الإخوان المسلمين بالوطن، وإثبات لإمكانية قيام كيان مُمَاثُل لكن مسيحي تعترف به جماعة الإخوان المسلمين وإن رفضتهُ فتعلن رفض أساس قيامها، بالإضافة إلى أن أحد أهدافي الخَفِيةّ من قيام الإخوان المسيحيين هو عمل مقارنات بين الجماعة التليدة التي أسسها ومولها الاستعمار الإنجليزي سنة ١٩٢٨، وبين الجماعة الوليدة التي وُلِدَت لدي كفكرة دون أدني مُشاركة أو مساعدة من أي جهة أو كيان من حيث أن جماعة الإخوان المسلمين كان شعارها “الإسلام هو الحل”.
9- وما أبرز الأزمات السياسية والفكرية التي صادفت وجود الجماعة؟
الأزمات التي واجهت الجماعة كنت أعلمها من قبل، وكنت على يقين من أن الجماعة لن تستمر لعدة أسباب، منها شِبْه انعدام الوعي السياسي لدي الشعب المسيحي نظرًا لأنه طوال أكثر من أربعين عامًا احتكر البابا شنودة الثالث العمل السياسي وكان الممثل والمتحدث الوحيد للشعب المسيحي ووأَدَ المجتمع المدني القبطي واستمر ذلك حتى الآن، فلم نجد زعيمًا مسيحيًا واحدًا منذ ١٩٧٣ تاريخ تنصيب البابا شنودة الثالث، فقد كان آخر زعماء الأقباط مثل فكري مكرم عبيد، وكمال رمزي إستينو، وألبرت برسوم سلامة في عهد البابا كيرلس السادس، وهذا أدى إلى انعزال المسيحيين عن المجتمع والعمل العام والعزوف عن العمل السياسي واللجوء إلى الكنيسة في كل مشاكلهم وقضاياهم، لِذا فلن يتقبلوا فكرة جماعة أو حزب خاص بهم كفكرة جماعة الإخوان المسيحيين، بالإضافة إلى رفض رجال الكنيسة لها تمامًا بل ومُهاجمتها لظنهم أن هذا قد يسحب البساط السياسي من تحت أقدامهم، وأيضًا مشكلة التمويل لرفضي التام قبول أي أموال من أي جهة داخلية أو خارجية وكنت أعتقد أن تبرعات الأعضاء قد تكفي بعد الانتشار التدريجي للجماعة.
10- في رأيك ما هو الخطر الأكبر على المسيحيين في المنطقة العربية؟
أكبر الأخطار التي تواجه المسيحيين في المنطقة العربية كان تنظيم داعش وهو لم يعد الخطر الداهم لا عربيًا ولا في مصر، ولكن بَقيَ خطر أكبر خَفيّ وهو مكمن الخطورة ممثلًا في الفكر الطائفي الداعشي الذي يسود على عقول غالبية الشعوب العربية الإسلامية من منطلق مبدأ (من جَهْلَ شيئًا.. عَاداه) بمعنى أن العقيدة والمبادئ المسيحية غير معروفة عند الغالبية من حيث إن من قواعدها الأساسية المحبة والسلام، ولهذا جَيشَ الشيوخ أنفسهم وانهالوا على المجتمعات العربية بمعاول الفتاوى الهدامة والتي تحض وتحث على الكراهية للمسيحية والمسيحيين، ولكني أعتقد جازمًا أن هذا إلى زوال بمرور الزمن وزحف التقدم الحضاري والفكري على الشعوب، وخير دليل على ذلك هي التغيرات الجذرية الحادثة بالمملكة العربية السعودية، من تقبلها للمسيحيين ومقابلة الملك سلمان بن عبد العزيز للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية -لأول مرة في تاريخ مصر والمملكة العربية السعودية- وكذلك استقبال البابا تواضروس الثاني لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالكاتدرائية المرقسية في القاهرة.
الأداء الإعلامي ودوره
11- لو قيمت لنا الأداء الإعلامي العربي، والصفة الغالبة على الإعلاميين فماذا تقول؟
الإعلام العربي عامة والمصري خاصةً في حاجة ماسة وملحة لإعادة فلترة، من حيث الشكل والمضمون، فبالنسبة للإعلام المرئي لا توجد مهنية به على الإطلاق، نتيجة لزحف من يدعون أو يوصفون بأنهم من كبار الصحافيين على شاشات القنوات التليفزيونية لتقديم برامج “التوك شو”، في حين يتسم أداؤهم بالإثارة والتهييج الشعبي لعدم امتلاكهم أدوات وآليات العمل التليفزيوني الذي يختلف في أدواته وآلياته عن العمل الصحافي، ويلهث وراءهم أصحاب القنوات الفضائية طمعًا في ازدياد نسب المشاهدة لاكتساب وجني مزيد من أرباح الإعلانات على حساب جودة العمل، وصار مقدمو هذه البرامج نجومًا (زائفون) بلا سطوع، أما الإعلام المكتوب فحدث ولا حرج باستثناء القلة منه، حيث غمر سوق الإعلام المصري مثلًا بكثير من الصحف بلا ضابط ولا رابط، بقي نوع مستحدث من الإعلام وهو: الإعلام الإليكتروني أو أن يطلق عليه في مجال الإعلام (البوابات) وما هو إلا تكرار للصحافة المكتوبة بذات الأسلوب والموضوع والأشخاص، أما الذي اكتسح سوق من يجيدون القراءة والكتابة في مصر هو ما يطلق عليه (الإعلام الموازي) أي إعلام صفحات التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وغيرهما.
12- ما أسباب فترة الانقطاع التي مررت بها.. ورؤيتك لأوضاع حريات الرأي والتعبير والنشر عربيًا؟
أسباب فترة الانقطاع الإعلامي هو الشعور بـ(الاشمئزاز) من الممارسات الإعلامية والتي هي بعيدة كل البعد عن الحرفية وأمانة المهنة وما زال الانقطاع حتى الآن باستثناء هذا الحوار للمعزة والتقدير الذي أٌكنه لمجريه، فكيف أتعاون مع إعلام أهاجمه وأنتقده بشدة؟ فنشاطي الفكري بات يقتصر على صفحات التواصل الاجتماعي، وحريات التعبير والنشر بالبلاد العربية لا تسُر مع أمل في التغيير.
سياسة المنطقة العربية والعالم
13- ذكرت من قبل أن “حماس” صناعة إسرائيلية بتمويل قطري.. ما دليلك؟
سلوكيات “حماس” ونتائج أفعالها مع شعب مصر ومع فلسطين وشعب فلسطين كلها تصب في صالح إسرائيل، أما عن التمويل القطري لها فأحيلك إلى عشرات الإيميلات من التسجيلات الدولية باللغات الإنجليزية والألمانية والعربية وكلها متاحة على مواقع اليوتيوب وكافة محركات البحث، إضافةً إلى التسريبات المتعمدة من بعض أجهزة المخابرات التابعة لدول معينة بهدف الوصول إلى تحقيق أغراض خاصة.
14- ماذا عن دور أمريكا وإسرائيل وروسيا وإيران في المنطقة فيما يتعلق بالأزمة السورية واليمنية؟
بالنسبة للدور الأمريكي الإسرائيلي الإيراني المُشترك بالنسبة للأزمة في سوريا واليمن فهو دور هزلي مسرحي، يحكمه مدى الحصول على أكبر قدر من مليارات الدولارات من دول البترول بالمنطقة لتمول بها إسرائيل لتقوي وتُهْلك البلاد العربية وبمعونة ضرب العرب بمال وأيادي العرب، كل هذا يحدث بمخطط صهيوني وبتنفيذ البلطجي العالمي دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة فدوره هو امتصاص الثروات العربية واستبدالها (بالفنكوش) الأمني وحماية الأقليات.
15- حدثنا عن مطامع أمريكا في أموال ومقدرات دول الخليج ورؤيتك لسياسات “ترامب” ومخططاته في المنطقة.
الأطماع الغربية في المنطقة قديمة قِدم التاريخ نظرًا للموقع الجغرافي لبلدان الإقليم، ثم تثبتت الأطماع بظهور البترول بالعديد من دول المنطقة ولا يمكن أن نقول أن هناك أطماعا مستقبلية، فالأطماع مُسْتمرة ومتلازمة مع الأحداث التي يُخطِطّ لها من قِبلّ العديد من المجالس والمنظمات والهيئات التي تُدير العالم وتُحدد مصائر الدول والشعوب سياسيًا واقتصاديًا بما في ذلك أكبر الدول وأقواها كالولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وألمانيا.
16- وماذا تقول عن هذه المجالس التي تدير مصالح الاقتصاد وتستولي على الثروات والمقدرات العربية؟
أبرزها الصهيونية العالمية، لجنة الثلاثمائة العالمية، مجموعة أو مؤتمر بيلدربيرج ونادي روما وغيرها، ويقوم بتنفيذها مخابرات عدة دول على رأسها المخابرات البريطانية MI6 والــ CIA الأمريكية وغيرها وهؤلاء لا يعملون بدون الاستعانة بعملاء داخليين من دول وبلدان المنطقة، وأهم مُخططات تلك المنظمات هو صناعة الصراعات والأحداث والأزمات بالمنطقة للتمكن والسيطرة على بلدانها، ومن نتائج كل ذلك وجدنا مَوْلِد (داعش – دولة الإسلام بالعراق والشام) وعشرات المنظمات الإرهابية الدموية تحت مختلف المُسميات شرط أن تُنْسب إلى الإسلام وتقوم بأعمال خارج نِطاق البشرية من نحر وحرق بشر وتدمير حضارات، على أن لا تقترب ولا تمس دولة إســـرائيل رغم أنها ضمن دول المنطقة.
17- وماذا يقصد من وراء ذلك؟
المقصود به ضرب الإسلام بالإسلام، وإيهام العالم المتقدم أن الإسلام يبغي ويهدف إلى القضاء على كل ما هو غير إسلامي، وهذا يتم في إطــــار عام من إلهاب وإثارة النزعات الدينية والطائفية فيما بين المسيحية والإسلام، والسُنَّة والشِيعةّ، والصراع التركي الكُردي، وتنشيط دور إيران التوسعي وتوطيد نزاعاتها وصراعاتها في لبنان ومصر والسعودية والإمارات والبحرين، وإلهاب الحرب السعودية اليمنية، وتأجيج الأزمة السورية وتأجيل حلولها، وهكذا تُحافظ تلك السياسات على إشعال المنطقة لسلب ثرواتها بحجية الدفاع عنها، وانزلق في ذلك العديد من دول الخليج باستثناء دولة تُعْتبر حكيمة حُكَمَاء دول الإقليم.