تَعتبر منظمات دولية وناشطون سعوديون أنه بالرغم من الإصلاحات التي أطلقتها السعودية مؤخرا في عهد الملك سلمان وولي عهده -ابنه – الأمير محمد بن سلمان إلا أن سجلها حافل بالانتهاكات الحقوقية، وأن هناك الكثير من القيود المفروضة على الحريات إلى الحد الذي طالت فيه الاعتقالات العديد من الناشطات السعوديات اللاتي أصبحن يعشن واقعاً مريراً داخل السجون في المملكة؛ بسبب مناداتهن بحقوق منها ما تضمنته الإصلاحات الأخيرة أبرزها حق قيادة السيارة. وبخلاف الاعتقالات مازالت تعاني المرأة في السعودية من إهدار حقوقها سواء في المنزل أو خارجه ومنها استمرار فرض الولاية.
انتقادات لولي العهد
رأى حساب “سعوديات معتقلات” على تويتر”أن السماح للمرأة بقيادة السيارة جاء نتيجة لجهود ومطالب الناشطات المعتقلات وليس لرغبة ولي العهد”. ووجه الحساب انتقادات حادة لولي العهد تزامنا مع ذكرى البيعة الثانية ومنها أنه سمح بإهانة وإساءة معاملة المواطنات المعارضات وأمر باعتقال الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة وأمر بملاحقة الفارّات من العنف الحكومي والأسري.” حسب ما ورد عبر حسابهم الرسمي بـ “تويتر”.
حق قيادة السيارة
ونشر الحساب على موقع تويتر سلسلة من التغريدات –جميعها سجلت في يونيو 2019- وقال فيها ”اليوم المرأة في السعودية تتنقل بكامل الحرية بسيارتها والقانون بظهرها، هكذا تحققت إحدى مطالبات الناشطات المعتقلات على أرض الواقع، فيما كان يُنظر وما يزال إليها بالمثالية. لكن لا شيء مستحيلًا في قاموسهن، فهن مشين في طريق محفوفة بالأشواك من أجل أن تمشي المرأة في طريق محفوفة بالورود.”
رسالة لولي العهد
وتابع: ” رسالتنا إلى ولي العهد مع حلول ذكرى البيعة الثانية: التغيير لا يكون بفتح صالات السينما والملاعب للمرأة والسماح لها بقيادة السيارات؛ لأن هذه حقوق بديهية ينبغي أن تتمتع بها كل نساء العالم. التغيير الجوهري يحصل عندما تحصل المواطنة على كامل حقوقها، بما في ذلك ولايتها على نفسها.”
مبايعة ابن سلمان
وتابع: “كانت السيدات المعتقلات قد بايعن ولي العهد على السمع والطاعة، ما أمر بإصلاحات تحقق العدالة للمرأة، وتصون كرامتها، وتحفظ لها حقوقها الكاملة في المجتمع. لكن أن يكون من قمن بمبايعته رمزا للتنكيل بهن وقمعهن والزج بهن وراء القضبان، فهذا يجعل البيعة باطلة، لأنه لا بيعة لظالم.”
رؤية 2030
وأردف: “كيف تتحقق رؤية 2030 التي تسعى السلطات إلى تحقيقها، وبلادنا تعد واحدة من بين أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم؟ يجب على صاحب القرار، قبل التكلم عن رؤيته الإصلاحية الشاملة، أن يطلق أولا سراح النشطاء والناشطات في مجال العمل الحقوقي والإغاثي والإصلاحي، فلا رؤية بلا عدالة وحريات.”
سجل حقوقي مملوء بالانتهاكات
وأضاف: “بعد عام واحد فقط على بيعة ولي العهد، أمسى سجل البلاد الحقوقي مملوءًا بالانتهاكات الجسيمة. فما قام بكشفه حساب سعوديات معتقلات من وقائع أثبتت تعرض عدد من المعتقلات للتعذيب والتحرش الجنسي، يعتبر سابقة هي الأولى من نوعها بالبلاد، وتركت وصمات عار على جبين صاحب القرار لا تمحى بالتقادم.”
التحفظ على الناشطات بالزنازين
وذكر الحساب: “ساد الأمل المجتمع النسوي مع تولي شاب ثلاثيني منصب ولاية العهد في البلاد، وكانت الناشطات متفائلات بأن مطالباتهن ستلقى أذنا متفهمة صاغية، لكن سرعان ما تحطمت آمالهن مع أول اختبار لصاحب القرار السياسي، الذي قرر التحفظ على الناشطات بالزنازين ومصادرة جهودهن في المجتمع ونسبتها إلى نفسه.” وتابع: “عامان وصاحب القرار السياسي لم يحمل في سجل انجازاته سوى ما يلحق الضرر بملف حقوق الإنسان، سيما حقوق المرأة، فالقمع يكاد يكون منعطفا فارقا يميّز المرحلة الراهنة من تاريخ البلاد عما سبقها من مراحل.”
الزج بالناشطات في السجون
وقال: “من المعيب حقا أن يُومئ صاحب القرار السياسي إلى منصاته الصحافية والإعلامية والإلكترونية بشن حملات تخوينية ضد الناشطات المعتقلات رغم قراره القمعي المسبق بزجّهن وراء القضبان بلا أساس قانوني. كان يجب عليه بدل ذلك تكريمهن على ما قدّمنه من خدمات للوطن جعلتهن بطلات بما للبطولة من معنى.” مشيرا إلى أن السلطات تعتقل كل من”لجين الهذلول – نوف عبدالعزيز – مياء الزهراني – عائشة المرزوق – عايدة الغامدي – سمر بدوي – نسيمة السادة – إسراء الغمغام – نعيمة المطرود – نور المسلم – فاطمة آل نصيف – خديجة الحربي – شيخة العرف” خارج نطاق القانون، وأن على السلطات الإفراج فورا عنهن دون قيد أو شرط.
الاضطهاد المستمر
واتهم الحساب السلطات بممارسة الاضطهاد المستمر ضد الناشطات قائلا: “من المخزي حقا أن تُساق السعوديات المعتقلات إلى السجون والمحاكمات، فيما تتشدق السلطات باحترامها لحقوق المرأة أمام المجتمع الدولي ووسائل الإعلام العالمية! الاضطهاد المستمر الذي يطال الناشطات هو أبرز مؤشر على نفاق أصحاب القرار، ولا أدل على ذلك مثل عرضهن على المحاكمات وهن بريئات.”وتابع: “السلطات تدمر سمعة الوطن بارتكابها الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق السيدات بشكل خاص وحقوق الإنسان بشكل عام. واحدة من التهم التي وجهتها النيابة العامة ضد الناشطات المعتقلات هي “الإساءة لصورة المملكة”، فيما يعتبر اعتقالهن وما رافقه من جلسات تعذيب وتحرش أكبر إساءة لصورة البلاد في العالم.”
المماطلة في حسم ملف المعتقلات
وأكمل: “السلطات إذ تماطل في حسم ملف النساء المعتقلات فهي تحاول كسر إرادتهن وإجبارهن على التنازل عما كن يسعين إليه من مطالبات لحقوق المرأة، ومساومتهن في مقابل ذلك بالحرية. السلطات مطالبة بدل ذلك بعدم عرضهن للمحاكمة لأنهن بريئات بالأساس، ما يقتضي الإفراج عنهن فورا دون أية شروط وقيود مسبقة.” وقال: “هنالك خلف القضبان والزنزانة الانفرادية تعيش النساء المعتقلات أكثر المشاعر إيلاما وتعقيدا.. هنالك يتسائلن كل لحظة لماذا نحن هنا؟”
الإبلاغ عن التعذيب
ونقل الحساب عن الحقوقية البارزة لين معلوف قولها: “تم الإبلاغ عن التعذيب واسع النطاق وغيره من ضروب سوء المعاملة في مراكز اعتقال المملكة، والتي تعتبر انتهاكا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب. يجب على المجتمع الدولي أن يأخذ هذه التدابير التي اتخذناها على محمل الجد.”
ابتزاز الناشطات
وذكرت منظمة “القسط” وهي منظمة حقوقية سعودية مقرّها لندن، تأسّست عام 2014، ويرأسها الناشط الحقوقي يحيى العسيري، في بيان لها أن “المحقّقين عمدوا إلى تصوير إحدى الناشطات وهي عارية، وعُرضت الصور أمامها على الطاولة أثناء التحقيق، وسألها أحد المحقّقين ساخراً عمن سيحميها بعد اعتقالها، وما إذا كانت المنظمات الحقوقية قادرة على مساعدتها.”
سعود القحطاني
وتابعت: “أن المستشار السابق في الديوان الملكي، سعود القحطاني، شُوهد أكثر من مرة في غرف التعذيب، حيث هدّد إحدى المعتقلات بالقول: “سأفعل بك ما أشاء، وبعدها سأحلّل جثتك وأذيبها في المرحاض.” وأضافت: “أن المحقّقين ضربوا النساء على أرجلهن بطريقة “الفلَقَة”، وعرّضوهن للصعق الكهربائي كما تعرضت إحدى المعتقلات لتعذيب نفسي، وأن المحقّقين أخبروها أن بعض أفراد عائلتها فارقوا الحياة، وأنهم حريصون على إنهاء التحقيق معها حتى تتمكّن من رؤية جثثهم قبل دفنها.”
اعتقالات وحبس
وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانا في 21 يونيو 2018 ومحدث بتاريخ 15 مايو 2019. قالت فيه: “مضت سنة على احتجاز السلطات السعودية للجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف ومجموعة من الناشطات السعوديات ممن يطالبن ببساطة بتحقيق المساواة ويدافعن عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية”.
وتابعت: “لم تتوقف موجة الاعتقالات عند هذا الحدّ. وفي يوليو/تموز2018، قبضت السلطات السعودية على اثنتين من المدافعات البارزات عن حقوق المرأة، ولا تزالان رهن الاحتجاز بدون توجيه تهم لهما. أو محاكمتهما. ووُضعت نسيمة قيد الحبس الانفرادي منذ مطلع فبراير/شباط 2019 بسجن المباحث في الدمام.”
سوء المعاملة في السجون
وأردفت: “خلال الأشهر الثلاثة الأولى من احتجازهن تعرضت العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان، للتعذيب، وبما في ذلك التحرش الجنسي، كما تعرضن لأشكال أخرى من سوء المعاملة. وتم احتجاز الناشطات بمعزل عن العالم الخارجي خلال تلك الفترة، مع عدم إمكانية الاتصال بعائلاتهن أو المحامين. “مشيرة إلى أنه في يوم 13مارس 2018 قدمت لجين وإيمان وعزيزة من بين 11 امرأة ناشطة للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية في الرياض. وكانت الجلسة مغلقة ومنع الدبلوماسيون والصحافيون من الحضور.”
التهم الموجه للناشطات
وأضافت: “تتهم العديد من الناشطات بالاتصال بوسائل الإعلام الأجنبية وغيرهن من الناشطات، والمنظمات الدولية بما في ذلك منظمة العفو. واتُهمت بعض الناشطات أيضا بتعزيز حقوق المرأة والدعوة إلى إنهاء نظام الوصاية على الذكور.”
وذكرت أنه “بعد جلسة المحكمة، كانت إيمان وعزيزة وعدد من الناشطات الأخريات، ومن بينهن: الدكتورة رقية المحارب، وأمل الحربي، والدكتورة هتون الفاسي، والدكتورة عبير النمنكاني، وميساء المانع، تم الإفراج عنهن بصفة مؤقتة. ومع ذلك، ما زالن يواجهن المحاكمة، ويظلن عرضة للحكم عليهن بالسجن. فإطلاق سراح هؤلاء النسوة من الاحتجاز ليس كافيًا، ويجب على السلطات السعودية إسقاط جميع التهم الموجهة إليهن.” وأردفت: “ولاتزال لجين وسمر ونسيمة محتجزات في السجن بعيداً عن أحبائهن. ويجب إطلاق سراحهن فوراً ودون قيد أو شرط لمواصلة عملهن السلمي في مجال حقوق الإنسان من أجل مستقبل أفضل لبلدهن وشعبهن”.
قمع وحشي
وقالت المنظمة: “يدفع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى إجراء الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في المملكة. لكن هذه الإصلاحات لا يمكن لها التستر على انتهاكات حقوق الإنسان والقمع الوحشي لنشطاء حقوق الإنسان. ولا يمكن تحقيق التغيير الفعلي بدون أولئك الذين ناضلوا بلا كلل من أجل ذلك. فالناشطات لديهن الرؤى ودوافع التغيير، ولديهن الكثير ليعطوهن لبلادهن. طالبوا الملك سلمان بإطلاق سراحهن فوراً!”
وعرضت المنظمة معلومات تتعلق ببعض المدافعات عن حقوق الإنسان المعتقلات وهن:
لجين الهذلول
لجين الهذلول، ناشطة في مجال حقوق المرأة ومدافعة عن حقوق الإنسان، وهي واحدة من أجرأ المدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية، ومعروفة بنضالها ضد حظر القيادة، ونضالها لوضع حد لنظام ولاية الرجل. ففي 2014، تم احتجازها لمدة 73 يومًا بعد أن حاولت قيادة سيارتها إلى السعودية من دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تقدمت لجين الهذلول لخوض الانتخابات في المملكة العربية السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 – وهي المرة الأولى التي يُسمح فيها للنساء بالتصويت والترشح للانتخابات في البلاد. ومع ذلك، وعلى الرغم من الاعتراف بها في النهاية كمترشحة، فإن اسمها لم يدرج أبدًا إلى قائمة الاقتراع.
احتجز المسؤولون السعوديون لجين الهذلول دون تهمة أو محاكمة في الفترة من23 مايو/أيار 2018 حتى 13 مارس/آذار 2019، عندما مثلت في الجلسة الأولى للمحكمة. وهي لا تزال قيد السجن في انتظار جلسة المحكمة القادمة.
إيمان النفجان
إيمان النفجان، ناشطة ومدونة وأستاذة لغويات وأم لأربعة أطفال، وواحدة من أبرز المناضلات من أجل حق المرأة في قيادة السيارة، والنضال من أجل إنهاء نظام ولاية الرجل في السعودية. وقد تعرضت في السابق للمضايقة والاستجواب بسبب عملها في مجال حقوق الإنسان ونضالها من أجل حقوق المرأة في البلاد. وقد تحدّت في السابق حظر القيادة في 2013، وتعرضت للمضايقة والاستجواب بسبب نشاطها الحقوقي.
واحتجزت إيمان النفجان دون تهمة أو محاكمة في الفترة من 23 مايو/أيار 2018 حتى 13 مارس/آذار 2019، عندما مثلت في جلسة المحكمة الأولى. في 28 مارس/ آذار، أُفرج عن إيمان النفجان مؤقتاً، لكنها لا تزال قيد المحاكمة بتهم قد تؤدي إلى عقوبة سجن طويلة.
عزيزة اليوسف
عزيزة اليوسف ناشطة، وأستاذة متقاعدة وأم لخمسة أبناء وجدة لثمانية أطفال. وهي ناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة، وتعمل دون كلل من أجل تعزيز حقوق المرأة في السعودية. كما أنها شاركت مرارا وتكرارا في تحدي حظر قيادة السيارة، وتعرضت للمضايقة وأخضعت للاستجواب بسبب نشاطها الحقوقي. وفي 2016، قدمت عريضة إلى الديوان الملكي، وقعها 15 ألف شخص، مطالبين بإنهاء نظام ولاية الرجل في السعودية.
احتجزت عزيزة اليوسف دون تهمة أو محاكمة من 23 مايو/أيار 2018 حتى 13 مارس/آذار 2019، عندما مثلت في أول جلسة لها أمام المحكمة. وفي 28 مارس/آذار، أطلق سراح عزيزة اليوسف مؤقتًا، ومع ذلك فإنها لا تزال قيد المحاكمة بتهم قد تؤدي إلى عقوبة سجن طويلة.
سمر بدوي
سمر بدوي، ناشطة وأم لطفلين، تم استهدافها وأخضعت للاستجواب مراراً وتكراراً من قبل السلطات السعودية بسبب نشاطها الحقوقي. ففي 2014، تعرضت لحظر على السفر وتم اعتقالها في 2016 بسبب نشاطها في مجال حقوق الإنسان. وهي أخت المدون المسجون رائف بدوي، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، وألف جلدة، لإنشائه موقعاً على شبكة الإنترنت لطرح المناقشة العامة. سمر بدوي محتجزة منذ يوليو/تموز 2018 بدون تهمة أو محاكمة.
نسيمة السادة
نسيمة السادة، وهي ناشطة حقوقية، وأم لثلاثة أطفال، ناضلت من أجل الحقوق المدنية والسياسية وحقوق المرأة وحقوق الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية لسنوات عديدة. ترشحت في الانتخابات البلدية في 2015، لكنها مُنعت من المشاركة. كما ناضلت من أجل حق المرأة في قيادة السيارة، وإنهاء نظام ولاية الرجل. نسيمة السادة محتجزة منذ يوليو/تموز 2018 دون توجيه تهم أو محاكمة، وتم وضعها في الحبس الانفرادي منذ فبراير/شباط 2019.
الديوان الملكي
ونقلت المنظمة عن ناشطين قولهم إنه في سبتمبر 2017، “اتصل الديوان الملكي بناشطين بارزين.. وحذّرهم من مغبة الإدلاء بتصريحات إعلامية”. مشيرة إلى أن اتصال الديوان الملكي بهؤلاء الناشطين “تم في اليوم نفسه الذي صدر فيه قرار رفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات”.
وتابعت في بيان: “يبدو أن (الجريمة) الوحيدة التي ارتكبها هؤلاء الناشطون تكمن في أن رغبتهم في رؤية النساء يقُدن السيارات سبقت رغبة محمد بن سلمان في ذلك”.
إدانات سابقة
وأضافت، أن للسلطات السعودية تاريخاً طويلاً في قمع النشطاء والمعارضين لقيامهم بأنشطة سلمية. فقد أدانت المحاكم السعودية 30ناشطاً ومعارضاً بارزًا على الأقل منذ 2011، واجه كثير منهم أحكاماً بالسجن 10 أو 15 سنة بتهم تهدف إلى تجريم المعارضة السلمية، مثل: “الخروج على ولي الأمر”، و”جلب الفتن”، و”تحريض الرأي العام”، و”إنشاء جمعية غير مرخص لها”، وأحكام غامضة من “قانون مكافحة جرائم المعلوماتية” لعام 2007.
رد المملكة حول الانتهاكات بحق الموقوفات
وفي السياق ذاته قال رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية الدكتور مفلح بن ربيعان القحطاني في رد على ما أوردته منظمة العفو الدولية حول وجود انتهاكات بحق بعض الموقوفات في المملكة أن الجمعية لم ترصد شيئًا من هذا القبيل ولم يتقدم لها أحد بشكوى في هذا الخصوص.
وحسب “وكالة الأنباء السعودية الرسمية” أضاف القحطاني في بيان للمنظمة في 22 نوفمبر 2018: “ندعو منظمة العفو الدولية لتزويدنا بأي معلومات متوفرة لديها لمتابعتها وبحث مدى صحتها أما إطلاق مثل هذه الاتهامات دون أدلة مؤكدة فمثل هذا الأمر لا ينسجم مع آليات العمل الحقوقي”، مشيرا إلى أن هناك تنسيقًا مع الأجهزة المختصة في المملكة يسمح لأعضاء الجمعية ومنسوبيها بمتابعة أوضاع الحالات التي يرد بشأنها تظلمات أو شكاوى أو ترصد الجمعية حاجتها للمتابعة أو التحقق.
ونقلت نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن متحدث باسم جهاز أمن الدولة في 2018، قوله: أن “الموقوفات اعتقلن بشبهة “التجاوز على الثوابت الدينية والوطنية، والتواصل المشبوه مع جهات خارجية بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسِلمها الاجتماعي والمساس باللُّحمة الوطنية”. وأضاف أن “الجهة المختصة تمكنت من القبض على هؤلاء، في حين “لا يزال العمل جارياً على تحديد كل من له صلة بأنشطتهم واتخاذ الإجراءات النظامية كافة بحقه”.
الإفراج عن 3 معتقلات
أعلنت المحكمة الجزائية بالرياض، في 28 مارس 2019، الإفراج مؤقتاً عن ثلاثة من الموقوفين المشار إليهم في بيان النيابة العامة بتاريخ17/ 9/ 1439هـ استناداً للمادة (123) من نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية بعد أن تقدموا بطلب الإفراج المؤقت للمحكمة. وأشارت إلى أن الإفراج المؤقت تم بعد دراستها لطلباتهم التي قدمت أثناء جلسات المحاكمة وتحققت بشأنها الضوابط النظامية اللازمة وارتأت الموافقة عليها، وصدر بموجبه قرار المحكمة بالإفراج المؤقت عنهم، على أن تواصل المحكمة النظر في قضاياهم وحضورهم لجلسات المحاكمة لحين صدور الأحكام النهائية والمكتسبة للقطعية فيما نسب إليهم.
حراك حقوقي نسوي في أوقات سابقة
مطالبة الناشطات السعوديات بحقوق المرأة ومنها إلغاء الولاية والسماح بقيادة السيارة لم تكن وليدة السنوات القليلة الماضية ففي عام 1990 خرجت 47 امرأة في 15 سيارة تقودها نساء في الرياض احتجاجا على منعهن من قيادة السيارات. وقد ألقي القبض عليهن آنذاك. وفي عام 2011 دشن سعوديات حملة بعنوان “سأقود سيارتي بنفسي”، إذ قام بعضهن بنشر صور وتسجيلات فيديو لأنفسهن وهن يقدن سيارات على مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب. وتم احتجاز بعضهن لفترة قصيرة.
مصادرة العديد من حقوق المرأة
في الإطار نفسه لا تزال السعودية تصادر عددًا من حقوق المرأة مثل: “الزواج وفتح حساب بنكي والسفر وحتى الرعاية الطبية”. وقالت “هيومن راتس ووتش” لا يزال نظام ولاية الرجل قائما في السعودية رغم إصلاحات 2017 الحكومية التي تحظر فرض قيود وصاية ذكورية “غير رسمية”. في ظل هذا النظام، تضطر النساء إلى طلب الإذن من وليّ الأمر – الذي يكون عادة الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن – من أجل السفر أو الزواج أو إطلاق سراحهن من السجن. قد تضطر النساء إلى موافقة وليّ الأمر للحصول على وظيفة أو الرعاية الصحية. تواجه النساء العديد من العقبات للقيام بمعاملات بدون قريب ذكر، منها استئجار شقة أو رفع دعوى قانونية. في سبتمبر/أيلول، أعلنت السلطات أنها ستُنهي حظر قيادة النساء في يونيو/حزيران 2018، لكن بعض الناشطات الحقوقيات قلن إن السلطات حذرتهن من التعليق على الإعلان.
انتقادات واسعة بعد مقتل خاشقجي
يشار إلى أن السعودية تعرضت للعديد من الانتقادات مقتل الصحفي السعودي خاشقجي الثاني من أكتوبر 2018 داخل مقر السفارة السعودية في اسطنبول على أيدي سعوديين قطعوا أوصاله داخل داخل القنصلية.
وحسب “رويترز”، تسعى السلطات السعودية إلى إعدام خمسة متهمين من أصل أحد عشر متهما مجهولا تقول المملكة إنها زجت بهم خلف القضبان في إطار محاكمة داخلية لقتلة الصحفي خاشقجي”.
المطالبة بمحاسبة ولي العهد عن قتل خاشقجي
ومؤخرا دعا تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول مقتل خاشقجي، إلى استجواب ولي العهد السعودي، ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى في المملكة. وحسب “bbc” أفاد تقرير الأمم المتحدة الذي أعدته أنياس كالامارد، أن المحاكمة التي تجريها السعودية فشلت في الوفاء بالمعايير الإجرائية الدولية وبالمعايير الموضوعية، ومن ثمّ دعت كالامارد إلى تعليق تلك المحاكمة. وأصرّت كالامارد على وجود “دليل موثوق” يستحق مزيدا من التحقيق في المسؤولية الفردية لمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، بينهم ولي العهد”.