“الصحافة الحرة هي رغيف للفكر ونصير للمستضعفين” .. هذا ما كتبه أحد المواطنين العمانيين في تويتر، وتقودنا هذه التغريدة إلى مسألة مهمة جداً وهي: لماذا تضع سلطنة عمان قيوداً صارمة على الصحافة؟، علماً بأن الصحافة الحرة تعتبر سلطة رابعة تحارب الفساد، إلى جانب الدولة وتعتبر صوتاً لجميع أفراد المجتمع، وهذا يحقق العدالة القصوى بين الجميع، فهي لا تخالف مصالح الدولة بل تسير وفقها،وفي الدول غير الديموقراطية لا يكون الهدف منها قلب نظام الحكم بل محاربة الفساد فقط، وفي الغالب لا يتم المساس برئيس الدولة بل بالعمل الحكومي.
في سلطنة عمان توجد صحيفة رسمية واحدة، وهي جريدة عُمان وصحف أخرى خاصة كالشبيبة، والوطن، والرؤية، وأثير الإلكترونية، وحسب مراقبين فإن جميعها صحف ليست حرة وتغيب عنها الصحافة الاستقصائية وتتنشر صحافة العلاقات العامة بها ولذلك فالصحافة المحلية ليست محببة لدى الشعب العماني، ولا تقدّم له إلا المواد الإخبارية فحسب، لأن الشعب أصبح يرى في مواقع التواصل الاجتماعي حرية لا يجدها في الصحف المحلية المقيدة.
وقد تراجع تصنيف سلطنة عمان في مؤشر حرية الصحافة لسنة 2020 حسب مراسلون بلا حدود من 132 إلى 135 من بين 180 دولة وذلك لاستمرار التضييق على الصحافة والصحفيين، وعدم وجود صحف مستقلة، والدعم الحكومي الذي يجعل من الصحف تابعة للحكومة، وتردد ما تردده الحكومة، والاعتقالات المستمرة للصحفيين، وإغلاق وحظر الصحف، وقد تم إغلاق “صحيفة الزمن” نهائياً، وإغلاق “صحيفة البلد” بسبب الضغوطات الأمنية، وحظر “شبكة المواطن الإعلامية“، ووجود قوانين فضفاضة يسهل استخدامها ضد الصحفيين مثل المادة 20 من المرسوم السلطاني 38 / 2014، والمواد 108 و102 و97 من قانون العقوبات (الجزاء) والتي أيضاً قد تستخدم ضد الصحفيين إذا تضمن عملهم الصحفي تحقيقاً حول الفساد وانتقاداً لسياسات الحكومة.
وعبّر العمانيون عن آرائهم تحت وسم #اليوم_العالمي_لحرية_الصحافة، فقد قال يوسف البلوشي رئيس تحرير جريدة وجهات السياحية: في اليوم العالمي لحرية الصحافة، نتوق إلى مساحة أكبر من حرية التعبير لبناء دولة عصرية في العهد الجديد بقيادة السلطان هيثم بن طارق، ووضع استراتيجية إعلامية تواكب المتغيرات وقانون إعلام عماني يصنع فارقا في السلطة الرابعة. وقال آخر: من أين ابدأ ومن أين انتهي، عشرات التحقيقات الصحفية التي تم إلغاؤها خوفا من التبعات القانونية التي تودي بالصحفي خلف القضبان، فالقوانين الإعلامية في عمان عمرها يتجاوز 15 سنة لم تتغير ولم تتجدد ولم تستحدث، ولكن نتأمل خير في قادم الأيام.
يواصل الإعلام العماني المسير، ولكن بعيداً عن المواطنين، واهتماماتهم، وهمومهم، وقضاياهم، وهذا أدى إلى ضعف المبيعات لدى الصحف، واعتمادها الأساسي على الدعم الحكومي ثم الإعلانات التي لم تعد تغري الشركات لضعف معدل القراء، وستبقى دائماً بهذا المستوى ما دامت الحكومة ترى بأن الإعلام يعكس صورتها المثالية لا صورة الشعب- حسب مراقبين.