“بعد تحميلها حماس مسؤولية الحرب”.. هل تلتزم هيومن رايتس ووتش حقًا بالحياد؟
وقت الحروب والأزمات الإنسانية وكذلك الكوارث الطبيعية، تشتد الحاجة إلى المنظمات الحقوقية وجهات العمل المدني باعتبارها هيئات محايدة، قادرة على قراءة وتقدير الموقف الإنساني وتقديم يد العون للمتضرر؛ فضلًا عن دورها القانوني والأخلاقي في رصد التجاوزات وتقديمها للجهات الدولية لاتخاذ موقف عادل ضد المعتدي، لعل أحداث غزة الأخيرة وقضية فلسطين عمومًا نموذج عالمي لكارثة إنسانية مكتملة الأركان.
يقول الحقوقي البحريني، عبدالنبي العكري، لمواطن: "إن مقاومة الاحتلال هي حق تكفله كافة القوانين والمواثيق الدولية، وفي القلب منها حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم على أراضيه".
منذ بداية الحرب الأخيرة في غزة قبل نحو (10) أشهر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أثيرت العديد من النقاشات والانتقادات أحيانًا حول دور المنظمات الحقوقية الدولية في مساندة أهالي غزة، التي قتل ما يتجاوز (50 ألف) شخصًا من مواطنيها نتيجة الاعتداء الإسرائيلي؛ فيما شُرد عشرات الآلاف، ويقبع نحو مليون ونصف المليون تحت وطأة الحرب والجوع وانتشار الأمراض، ونقص كافة أوجه الرعاية الصحية والخدمات.
ومن بين المواقف الأكثر جدلًا، كان التقرير الصادر عن منظمة (هيومن رايتس وواتش)؛ في يوليو/تموز الماضي، كونه لم يكتف بإدانة الهجمات التي نفذتها “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكنه توسع في إدانة الحركة، مُحملًا إياها المسؤولية عن أشهر الحرب بشكل شبه كامل، والأهم هو تجاهل التقرير فكرة المقاومة، ووصف الحركة بأنها “مُسلحة”، متجاهلًا الحق في المقاومة داخل الأراضي المحتلة، بما يتناقض مع قواعد القانون الدولي. الذي يؤكد أن المقاومة بكافة أشكالها حق مشروع للشعب الواقع تحت الاحتلال، وأن سلاحها يحظى بشرعية قانونية ولا يمكن نزعه.
كما أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرارًا على شرعية المقاومة المسلحة الفلسطينية، وربطتها وقتها بما كانت تعيشه ناميبيا وجنوب إفريقيا من أنظمة فصل عنصري، أيضًا في قرارها بتاريخ 4 من ديسمبر/ كانون الأول 1986، والذي ينص “على شرعية كفاح الشعوب من أجل استقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، والتحرر من السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح”.
وتؤكد كل من اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب، على شرعية حمل السلاح لمقاومة المحتل. وأضفت اتفاقية جنيف صفة “أسرى الحرب” على أعضاء حركات المقاومة المنظمة “التي تعمل داخل أرضها أو خارجها، حتى لو كانت هذه الأرض واقعة تحت الاحتلال”، وذلك بشروط؛ أولها أن يكون لهم رئيس مسؤول، وأن يحملوا السلاح علنًا، وأن يحملوا علامة مميزة ظاهرة، وأن يلتزموا في نضالهم بقوانين الحرب وأعرافها، وهي كلها شروط تنطبق على المقاومة الفلسطينية.
وعن ذلك يقول الحقوقي البحريني، عبدالنبي العكري لمواطن، إن مقاومة الاحتلال هي حق تكفله كافة القوانين والمواثيق الدولية، وفي القلب منها حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم على أراضيه.
ويشير “العكري” إلى قرار محكمة العدل الدولية الصادر مؤخرًا بهذا الصدد؛ حيث اعتبرت المحكمة في تقريرها الصادر في 19 من يوليو/تموز الماضي أن “الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني، وقالت محكمة العدل الدولية، إن سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية تنتهك القانون الدولي”. وهذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها محكمة العدل الدولية موقفًا بشأن ما إذا كان “الاحتلال المستمر منذ 57 عامًا غير قانوني”.
ويوضح أن “الدور الرئيسي لمنظمات حقوق الإنسان في العالم هو الدفاع عن الشعوب ونصرتها في نيل حقوقها، وفي حالة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لجريمة إبادة جماعية على مرأى ومسمع العالم كله؛ فإن المسؤولية الأخلاقية والقانونية تقع على عاتق الجميع من أجل نصرته والوقوف إلى جانبه”.
ماذا قالت هيومن رايتس واتش؟
في تقريرها الصادر بتاريخ 17 يوليو/ تموز: “إنّ الجناح العسكري لـ “حماس”، “كتائب القسّام”، وما لا يقل عن أربعة فصائل فلسطينيّة مسلّحة أخرى ارتكبت العديد من جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية بحق مدنيين أثناء هجوم 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل، وعلى الحكومات التي لها نفوذ على الفصائل الفلسطينيّة المسلّحة الضغط من أجل الإفراج العاجل عن الرهائن المدنيين، الذين يشكل احتجازهم جريمة حرب مستمرّة، وتقديم المسؤولين إلى العدالة”.
ترى الحقوقية الكويتية هديل بوقريص "أن المنظمة تواجه العديد من الانتقادات منذ زمن؛ فمثلاً عندما غزت داعش العراق في عام 2014، رصدت تقارير المنظمة روايات تنحاز للجاني وليس الضحية، وهذا بالضبط ما حدث في التعاطي مع الشأن الفلسطيني مؤخرًا".
وأشارت المنظمة إلى أن “الفصائل المسلّحة”، على حد وصفها، قامت بانتهاكات عديدة لقوانين الحرب ترقى إلى جرائم حرب، منها الهجمات التي استهدفت المدنيين والأعيان المدنيّة والقتل العمد بحق المحتجزين والمعاملة القاسية وغيرها من ضروب المعاملة اللاإنسانية، والجرائم التي تنطوي على عنف جنسي أو قائم على النوع الاجتماعي، وأخذ الرهائن، والتمثيل بالجثث وسلبها، واستخدام الدروع البشريّة، والنهب والسلب.
ومن جانبها رفضت حماس التقرير جملة وتفصيلًا، واتهمت المنظمة بتبني الرواية الإسرائيلية بالكامل، وأنه ابتعد عن أسلوب البحث العلمي والموقف القانوني المحايد، مما يجعله أشبه بوثيقة دعائية إسرائيلية. وقالت الحركة إن التقرير “بدأ بالحديث بأسلوب درامي مؤثر عن شخص إسرائيلي أصيب بحروق في أحداث السابع من أكتوبر، وختم بالحديث عن امرأة تأثرت نفسيًا من الأحداث”. واستدركت قائلة إن التقرير “لم يتطرق لما أصاب شعبنا في غزة من قتل وتدمير وتجويع وعذاب فاق الخيال، مما يكرس فكرة التمييز العنصري بين البشر”.
وتابعت حماس “فاق عدد الشهداء والجرحى 120 ألفا حتى اليوم، وتم تدمير المستشفيات والجامعات والمدارس والبنية التحتية بشكل كامل، وما زالت آلة البطش الصهيوني تواصل جرائمها بدعم أميركي وغربي كامل، ولم يجد التقرير أن هذا كله يستحق الذكر”.
واستنكر “العكري” تقرير هيومن رايتس واتش الأخير في ضوء التقارير السابقة، خلال السنوات الماضية، التي أقرت فيها بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ووثقت انتهاكات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، ويرى أن التقرير الأخير لا يعكس بالضرورة توجه كافة الأعضاء داخل المنظمة، ربما يعبر عن وجهة نظر أو توجهات فردية، لذلك يجب على كافة الهيئات الحقوقية في العالم الرد عليها وتفنيدها لنصرة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لجريمة إبادة جماعية.
وقال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، صلاح عبد العاطي لمواطن: “إن التقرير المنحاز كمحاولة لتبرير جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين وسائر الجرائم الدولية التي ارتكبتها قوات الاحتلال في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تمت وتتم بدعم وشركة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول ذات الخلفية الاستعمارية، وذلك في ظل عجز دولي يصل حد التواطؤ في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
التقرير بحسب الحقوقي الفلسطيني، يكرر سرد الرواية الإسرائيلية التي تذرّع بها الاحتلال الإسرائيلي لشن هجومه العسكري العدواني غير المسبوق، الذي ضرب عرض الحائط بكل قواعد القانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان، والذي لاحقًا تبين كذب ادعاءاته الفاضحة، والتي تراجع عنها الاحتلال الإسرائيلي وشركاؤه، بما فيها وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية التي اعترفت أنها استندت إلى روايات مغلوطة ومصطنعة ومزيفة؛ ما أجبر رؤساء دول وقادة رأي ومؤسسات دولية للاعتذار عن الانخداع بالرواية الإسرائيلية التي افتقدت للمصداقية، والتي كذبت معظمها لاحقًا تحقيقات جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي أكدت قيام طائرات ودبابات وجنود الاحتلال هم من قاموا بمعظم الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين وأفراد المقاومة الفلسطينية.
حماس بين حق المقاومة واتهامات الإرهاب
تأسست حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) بالتزامن مع اندلاع الانتفاضة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 1987، بهدف تحرير فلسطين وعودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضيهم التي هجّروا منها، وأصدرت حركة حماس ميثاقها الأول عام 1988، وشكلت أول مجلس شورى لها في أغسطس/آب 1991.
ويدعو الميثاق التأسيسي لحماس لعام 1988 إلى القضاء على إسرائيل، وتحرير الأراضي المحتلة كاملًا، لكن قادة في الحركة عرضوا في بعض الأحيان هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية قابلة للاستمرار على جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
وتصنف إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “حماس” ككل أو جناحها العسكري في بعض الحالات، كمنظمة إرهابية، لكن الحركة تنفي ذلك، وتقول إنها حركة مقاومة ضد الاحتلال، ولم تمارس أي نشاط مسلح خارج هذا الهدف.
بالرغم من ذلك تكفل كافة المواثيق الدولية للشعب الفلسطيني باعتباره واقعًا تحت الاحتلال، الحق في تقرير المصير، الذي يعد حقًا ثابتًا في القانون الدولي، ومبدأ أساسي في ميثاق الأمم المتحدة، والتي في قرارها رقم 1514 لـ “إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة”، بتاريخ 14 من ديسمبر/ كانون الأول 1960، أكدت بصيغة صريحة أنه: “لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي، وتسعى بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
الحقوقية هديل بوقريص تقول لمواطن: “إن هيومن رايتس واتش تبدو منحازة بشكل كبير في التعامل مع القضية الفلسطينية والتعاطي مع العمليات الإجرامية التي تمارسها إسرائيل بحق شعب غزة”.
ترى “بوقريص” أن المنظمة تواجه العديد من الانتقادات منذ زمن؛ فمثلاً عندما غزت داعش العراق في عام 2014، رصدت تقارير المنظمة روايات تنحاز للجاني وليس الضحية، وهذا بالضبط ما حدث في التعاطي مع الشأن الفلسطيني مؤخرًا.
تضيف: “في 22 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1974، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3236، والذي يقضي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال الوطني والسيادة في فلسطين، كما اعترف بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، ومنحها صفة مراقب في الأمم المتحدة”.
وتتابع: ” أيضًا كان هناك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 43/177 المؤرخ 15 ديسمبر 1988، اعترفت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعلان دولة فلسطين، واستخدام تسمية فلسطين، مشيرة إلى منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة؛ فضلًا عن ذلك، أكدت الجمعية ضرورة سيادة الشعب الفلسطيني على أراضيه التي احتلتها إسرائيل في عام 1967″.
أيضًا، القرار 3246 الصادر في 29 من نوفمبر 1974 يؤكد شرعية المقاومة المسلحة من قبل الشعوب المضطهدة سعيًا وراء حق تقرير المصير، ويدين الحكومات التي لا تدعم هذا الحق.
تؤكد “بوقريص” أن حق تقرير المصير يتضمن حق الدفاع عن الأرض، بكافة أنواع المقاومة، بما فيها الدفاع المسلح، إلا أنه منذ صدور هذا القرار، تلاعبت منظمات كثيرة بالمصطلحات سياسيًا، لتجريد الشعب الفلسطيني من كافة حقوقه المشروعة في تقرير مصيره واستقلاله الوطني لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
يتفق معها عبد النبي العكري الذي يؤكد أن ميثاق الأمم المتحدة يعطي الحق للشعب الفلسطيني في تدشين حركات مقاومة لمجابهة الاحتلال الاسرائيلي غير القانوني، وهناك عشرات القرارات القانونية الدولية تطالب بإنهاء الاحتلال على الشعب الفلسطيني، كما تمنحه الحق كاملًا في الدفاع عن نفسه وتحرير كامل أراضيه.
ويتابع: “فلسطين أرض محتلة من جانب الكيان الإسرائيلي، هذه قضية مُسلم بها، إذن فالأولى أن تعمل المنظمات الحقوقية الدولية على مساندة الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه المنهوبة، وصد العدوان الغاشم عليه، وليس إدانة الفلسطينيين بدلًا من ذلك”.
كما يرى أن هناك انحيازات تبدو أحيانًا غير مشروعة لبعض المنظمات، ولابد أن تكفل جميع الهيئات الحق للشعب الفلسطيني في تدشين نضاله، بما في ذلك النضال المسلح ضد الاحتلال، ولحين تحرير كافة أراضيه.
يمكن أن تنتقد هذه المنظمات بعض التصرفات من جانب حماس، لكن لا يمكنها تجريد حركة مقاومة ضد الاحتلال من شرعيتها الدولية والقانونية، الإرهاب هو ما يمارسه الكيان الصهيوني المُحتل، وهذا ما تحدده المواثيق الدولية، بحسب العكري.
ولا تعد “حماس” أو غيرها من الفصائل الفلسطينية حركة المقاومة الوحيدة في العالم؛ فتاريخ المقاومة طويل، وقد شهدت أوروبا ظهور العشرات منها إبان الحرب العالمية الثانية، من بينها المقاومة البولندية، بما في ذلك الجيش البولندي الرئيسي، وليني، والدولة البولندية السرية بأكملها؛ الثوار اليوغوسلاف والثوار السوفييت، و المقاومة الإيطالية بقيادة لجنة التحرير الوطنية، المقاومة الفرنسية والمقاومة البلجيكية والمقاومة النرويجية والمقاومة الدنماركية والمقاومة اليونانية والمقاومة التشيكية والمقاومة الألبانية والمقاومة الهولندية، وخاصة “منظمة التحرير الوطنية” والمعارضة المضطهدة سياسيًا في ألمانيا.
وعربيًا تعد مقاومة الاستعمار الفرنسي في الجزائر من أبرز الحركات التي نجحت في تحرير البلاد، كذلك مقاومة الاستعمار الإيطالي في ليبيا، ومقاومة الاستعمار البريطاني في مصر. ويشمل هذا الحق القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكده القرار الأممي 3236، بتاريخ 22 من نوفمبر/ تشرين الثاني 1974، والذي نص على أن الأمم المتحدة “تعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقًا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه (…) وتناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تمد بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه، وفقًا للميثاق”.
وقبل هذا، وفي عام 1970، أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 2649 بـ “إدانة إنكار حق تقرير المصير؛ خصوصًا لشعوب جنوب أفريقيا وفلسطين”، والذي ينص بالحرف على أن الجمعية العامة “تؤكد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأية وسيلة في متناولها”.
كذلك يؤكد القرار رقم (3103) لسنة 1973 بشأن المبادئ المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي والنظم العنصرية، لا بإضفاء المشروعية على عملهم فحسب؛ بل بشمول هؤلاء المقاتلين أيضًا بقواعد القانون الدولي المعمول به في النزاعات المسلحة، مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بجرحى الحرب وأسراهم، وحماية المدنيين.
وقد نص هذا القرار على أن نضال الشعوب في سبيل حقه في تقرير المصير والاستقلال، هو نضال شرعي يتفق تمامًا مع مبادئ القانون الدولي، وأن أية محاولة لقمع الكفاح المسلح هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأن المحاربين المناضلين الذين يقعون في الأسر يجب أن يعاملوا كأسرى حرب وفق أحكام اتفاقية جنيف المتعلقة بأسرى الحرب.
ختامًا، تكفل كافة المواثيق الدولية للشعب الفلسطيني، المحتل، الدفاع عن أراضيه بكافة السبل، بما في ذلك المقاومة المسلحة، ويبدو أن هناك انحيازًا واضحًا من جانب بعض المؤسسات الحقوقية الدولية في التعاطي مع جرائم الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون، مما يتناقض بشكل كامل مع دورها الأخلاقي والقانوني في نصرة العدالة ورصد الانتهاكات وتعقب الجناة.