“غير حرة، متوسطة الحرية الإقتصادية، حرية الصحافة في وضع صعب ويحكمها نظام استبدادي” صورةٌ متكررةٌ لسلطنة عمان في عيون المؤشرات الدولية يبدو أن نظامها لا ينوي تغييرها بعد، في حين يرزح الشعب العماني تحت الحكم الملكي المطلق، حيث أتت عمان متذيلةً التصنيفات العالمية لهذه المؤشرات إلى جانب دولٍ مستبدة.
على مؤشر المشاركة السياسية الخليجي
محققةً علاماتٍ صفريةٍ في مستوى المشاركة السياسية بين دول الخليج على مقياس التنظيمات السياسية وأخرى متدنية على أغلبية مقاييس المؤشر، سلطنة عمان الثالثة خليجياً في مؤشر المشاركة السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي الصادر عن مركز البيت الخليجي للدراسات والنشر.
يذكر أن السلطنة تقوم على الحكم وفق ما سمي بالنظام الأساسي كوثيقةٍ دستورية والصادر منتصف التسعينات والذي لم يُقر وفق أي وسيلةٍ ديمقراطيةٍ تشرك الشعب في تحديد هيئة النظام السياسي الحاكم للبلد وطريقة تعاطيه معه، حيث أقر وفق مبدأ الهبة والمرسوم السلطاني دون أي استفتاءٍ شعبيٍ.
المؤشر الخليجي للمشاركة السياسية ناقش ذلك على مقياس الحياة الدستورية والذي تحصلت فيه السلطنة على 17 نقطةً من أصل خمسين، حيث لم تحدث مشاركة شعبية في أيٍ من عمليات إقرار الدستور العماني (النظام الأساسي)، إبتداءاً بصياغته وانتهاءً بإقراره، فيما يبقى التعديل عليه من صلاحيات السلطان وحده وفق نظام الهبة والمرسوم السلطاني، إلى جانب عدم وجود جهةٍ قضائيةٍ تفصل في قضايا القوانين المخالفة للوثيقة الدستورية.
على مؤشر الديمقراطية
الجدير ذكره أن مؤشر الديمقراطية العالمي الصادر عن مجلة الإيكونوميست البريطانية يصنّف عُمان في المركز 137 عالمياً من أصل 167 دولة ضمن المؤشر مطلع العام الحالي، كدولة استبداديةٍ بنظامٍ ملكيٍ مطلق.
يتمتع منصب السلطان والعائلة الحاكمة بسلطةٍ فرديةٍ مطلقة تتجاوز الهيئات المنتخبة شعبياً، فيما يحتكر نسبة تمثيلٍ قد تصل لأكثر من النصف في الهيئات والمجالس المنتخبة من قبل الشعب، فيما يعتبر المشاركة أو الإنخراط في عملٍ سياسي يؤطره تنظيم سياسي عملاً مجرماً في القانون العماني ويستبعد الكثير من المرشحين لأسباب تتعلق بتصريحاتهم المعارضة أو الناقدة للسلطة، ما يجعل من العملية الإنتخابية مجرد انتقاءٍ حكوميٍ لموظفين يمثلون السلطة لا ناخبيهم.
مؤشر الحرية العالمي
تعتبر عمان وفق مؤشر الحرية العالمي الصادر عن دار الحرية الأمريكي ضمن أسوأ الفئات تصنيفاً لمستوى الحرية ( بلدان حرة، بلدان شبه حرة، بلدان غير حرة) حيث أعتبرت من الدول الغير الحرة في المركز الحادي عشر على المستوى العربي.
رغم اعتراف النظام السياسي في عُمان بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أنه لا يترجم اعترافاته، كما هي في إتفاقياتٍ عالمية أخرى، إلى قوانين حقيقية تمنح العمانيين حقوقهم الإنسانية، حيث يُحرَم العمانيون من ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية بالقانون، وتجرم في كثيرٍ من الحالات ممارستهم لحرياتهم المدنية، بالإضافة إلى حرمان العمانيين من نظامٍ إنتخابيٍ ديمقراطيٍ وعادل.
أما بالنسبة للحريات السياسية فهي شبه غائبة، حيث تكررت أحداث اختطاف نشطاء سياسيين عمانيين واقتيادهم لأماكن مجهولة وتعرضهم للتعذيب فيها، كان أخرها ما تحدث عنه العضو السابق في مجلس الشورى العماني الدكتور طالب المعمري في تغريدةٍ له أشار فيها بشكلٍ غير مباشر لطبيعة تعامل وتعذيب النظام السياسي للمعارضين.
مؤشر حرية الصحافة
في مؤشر حرية الصحافة أتت في المرتبة 132 عالمياً، حيث تصنف ضمن واحدة من أكثر أوضاع حرية الصحافة سوءاً (وضع صعب)، متذيلةً بذلك التصنيف في المؤشر إلى جانب الأنظمة القمعية في المنطقة.
على سبيل الذكر، سُجلت حالاتٌ لإغلاق صحفٍ ومجلاتٍ عمانيةٍ محلية حسب مؤشر المشاركة السياسية الخليجية، فيما تفرض السلطة رقابةً مشددةً على الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ويتم التضييق على الصحفيين، ويغلب على وسائل الإعلام والصحافة المستقلة خطاب السلطة السياسية، الأمر الذي يوحي بمساحة حرية الصحافة في الداخل العماني.
وما تزال أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في السلطنة تشهد جموداً إن لم يكن تدهوراً، وتبقى عمان في ذيل المؤشرات الإقليمية والدولية للديمقراطية والحقوق والحريات، فيما يعاني الشعب العماني دونما نيةٍ للتغيير لدى السلطة السياسية.